الفتق الأربي لدى الأطفال : التشخيص والعلاج الجراحي

ماهو الفتق الأربي لدى الأطفال؟

السيد الدكتور أسامة عبد العظيم،
على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن الفتق لدى الأطفال مرتبط أساساً بمنطقة السرة، هناك حالات تظهر في مناطق أخرى من البطن. هذه المشكلة الصحية يمكن أن تكون محيرة للأهل وتحتاج إلى تدخل جراحي في بعض الحالات.
الأسباب وراء ظهور هذا النوع من الفتق متعددة وقد تكون نتيجة لعوامل وراثية أو تطورية خلال مراحل الحمل. بغض النظر عن الأسباب، فإن فهم طبيعة هذه الحالة وكيفية التعامل معها أمر ضروري لضمان صحة وسلامة الطفل. الكثير من الأهالي قد يشعرون بالخوف والقلق عند ملاحظتهم لهذه التورمات على بطون أطفالهم، خاصة إذا كانت في مناطق بعيدة عن السرة. ولذلك، فإن التوعية بشأن هذه الحالة وتوجيه الأهل حول خيارات العلاج المتاحة يعد من الأمور الحيوية لتقديم الرعاية الطبية المناسبة.

الفتق الأربي عند الأطفال

الفتق الأربي هو ثقب أو فتحة في جدار البطن عند المنطقة الأربية ( أسفل البطن وأعلي الفخذ ). يتسبب هذا الفتق في ظهور نتوء أو تضخم في المنطقة المصابة، وهو ناتج عن خروج جزء من الأمعاء أو الأنسجة الأخرى من خلال هذا الثقب.
إذا لم يتم علاجه، قد يؤدي الفتق الأربي إلى مشاكل صحية خطيرة. في بعض الحالات، قد تتداخل الأمعاء داخل الثقب وتُحبس هناك، مما يمكن أن يؤدي إلى انسداد أو قصور في الدورة الدموية للجزء المحبوس من الأمعاء، وهذا ما يُعرف بالفتق المُحبوس. إذا تم تجاهل الفتق المحبوس، قد يؤدي إلى عدم وصول الدم في الأمعاء وتحدث غرغرينة .
من المهم أن يتم التعرف على الأعراض المصاحبة للفتق الأربي، مثل الألم، التورم، والتغير في اللون، وكذلك أي تغيير في سلوك الطفل مثل فقدان الشهية أو الإسهال أو القئ. في حالة ملاحظة أي من هذه الأعراض، يجب استشارة الطبيب فوراً.
من الجدير بالذكر أن تقنيات الجراحة قد شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. فالجراحة المنظارية، مثلاً، أصبحت خيارًا شائعًا في علاج الفتق الأربي. تتميز هذه الجراحة بفتحات صغيرة وفترة نقاهة أقل وندبات أقل واضحة مقارنة بالجراحة التقليدية.
2. التشخيص:
الفحص السريري: الطبيب يمكنه الكشف عن وجود الفتق من خلال الفحص السريري، حيث يلاحظ وجود نتوء في منطقة معينة أسفل البطن.
من خلال الفحص السريري، يستعين الطبيب بالأساليب التالية:
الملاحظة: يبدأ الطبيب بفحص المنطقة المشتبه فيها بصريًا، حيث يبحث عن وجود أي نتوءات أو انتفاخات غير طبيعية.
اللمس: عند الضغط على المنطقة المصابة, يمكن للطبيب تحديد مدى حركة الفتق وملمسه، ومعرفة إذا كان الفتق يمكن دفعه إلى داخل البطن أم لا.
التقييم الوظيفي: قد يطلب الطبيب من الطفل السعال أو الشد، لمراقبة تأثير ذلك على الفتق ومعرفة إذا كان يتمدد أو ينكمش خلال هذه الحركات.
التقييم الألمي: يتم سؤال الطفل (أو الوالدين إذا كان الطفل صغيرًا جدًا) عن وجود أي ألم أو عدم الارتياح في المنطقة المصابة.
تقييم الأعراض المصاحبة: في بعض الحالات، قد تكون هناك أعراض أخرى مصاحبة للفتق مثل الغثيان أو فقدان الشهية. يساعد التحقق من وجود هذه الأعراض في تحديد خطورة الحالة.
من خلال هذه الأساليب، يمكن للطبيب تقييم حالة الفتق وتحديد مدى خطورته. في حالة الشك في تشخيص الفتق الأربي أو في حالة الحاجة لتوضيح المزيد حول حجمه وموقعه، قد يلجأ الطبيب إلى الأشعة التشخيصية أو الفحوصات الأخرى للحصول على صورة أكثر دقة.
الأشعة التشخيصية: في بعض الحالات، قد يتم الاعتماد على الأشعة السينية أو السونار لتأكيد التشخيص.
الأشعة السينية: تستخدم الأشعة السينية في الحالات التي قد تظهر فيها أعراض مثل انسداد الأمعاء أو إذا كان هناك شك في وجود أمور غير طبيعية داخل البطن. الأشعة السينية تساعد في تقديم صورة واضحة عن الهيكل العظمي والغازات الموجودة داخل الأمعاء، ولكنها قد لا تظهر الفتق نفسه بوضوح. في حالات الفتق المحبوس أو المغلق, قد تكشف الأشعة السينية عن وجود انسداد أو تورم في الأمعاء.
السونار (الموجات فوق الصوتية): السونار هو أحد أكثر الأدوات فعالية في تشخيص الفتق الأربي. يقوم باستخدام موجات الصوت لإنتاج صور للأنسجة اللينة داخل الجسم. هذه الطريقة لا تستخدم الإشعاع وهي آمنة تمامًا للاستخدام مع الأطفال. عند استخدام السونار, يمكن للطبيب مشاهدة الأنسجة المحيطة بالفتق وتقييم حالة الأمعاء والأنسجة الأخرى المحيطة به.

تشخيص المشاكل المصاحبة للفتق الأربي

تشخيص المشاكل المصاحبة: في بعض الأحيان، قد يحدث الفتق الأربي بالتزامن مع مشاكل صحية أخرى في البطن. في هذه الحالات, قد يُطلب من الطفل إجراء فحوصات إضافية للكشف عن أي مشاكل محتملة.
عندما يظهر الفتق الأربي، قد يكون ناتجًا عن ضغط متزايد داخل البطن أو ضعف في الجدار البطني، ولكن في بعض الأحيان، قد يكون هناك أسباب أخرى تسببت في ظهور الفتق. لذلك، قد يكون من الضروري التحقق من وجود مشكلات صحية أخرى قد تكون موجودة.
التاريخ الصحي: قد يسأل الطبيب الوالدين عن أي مشكلات صحية سابقة للطفل أو أي أعراض أخرى قد ظهرت مؤخرًا.
فحص الدم: يمكن أن يُظهر وجود أمراض معينة قد تكون مسببة لظهور الفتق، مثل الأمراض الالتهابية للأمعاء.
المنظار: في حالات نادرة، قد يتم استخدام المنظار لفحص الأمعاء والتحقق من وجود أي التهابات أو تضيقات أو غيرها من المشكلات.
اختبار الحساسية: إذا كان هناك اشتباه بأن الطفل يعاني من حساسية معينة قد تكون السبب وراء الضغط المتزايد داخل البطن، فقد يتم إجراء اختبارات حساسية للتأكد من ذلك.
اختبارات وظائف الأعضاء: يمكن أن تُجرى اختبارات معينة لتقييم وظيفة الكبد، الكلى، والبنكرياس، للتحقق من عدم وجود أي مشكلات تؤدي إلى ارتفاع ضغط البطن.
إذا تم التعرف على مشكلة صحية مصاحبة، فقد يتطلب الأمر تدخلاً طبياً خاصاً لعلاج هذه المشكلة إلى جانب العلاج المعتاد للفتق الأربي. إدارة المشكلات المصاحبة بشكل صحيح يمكن أن يقلل من مخاطر حدوث مضاعفات ويساعد في تحقيق أفضل نتائج علاجية للطفل.

فحص الدم: قد يتم طلب فحص دم في حالة وجود شكوك حول وجود التهاب أو عدوى نتيجة للفتق، أو إذا كان هناك شك بوجود مشاكل في الدورة الدموية للأمعاء.
الدم هو مؤشر حيوي لوظائف الجسم، وفحصه قد يكشف عن أدلة تُساعد الأطباء في التشخيص واتخاذ قرارات العلاج. في سياق الفتق الأربي، هذه هي بعض الجوانب التي يمكن أن يسلط عليها فحص الدم الضوء:
مؤشرات الالتهاب: يمكن للفتق المحبوس أو المغلق أن يسبب التهابًا في المنطقة المصابة. في هذه الحالة، قد ترتفع مستويات بعض البروتينات التي تُنتج عندما يكون هناك التهاب في الجسم، مثل البروتين C التفاعلي (CRP) وعدد الكريات البيضاء.
العلامات الحيوية للعدوى: إذا كان الفتق مصحوبًا بعدوى، فقد تظهر بعض المؤشرات في الدم، مثل زيادة عدد الكريات البيضاء. وقد يتم أيضًا طلب زرعات من الدم لتحديد نوع الميكروبات المسببة للعدوى.
الأوكسجين والدورة الدموية: إذا كان هناك شك في أن الأمعاء داخل الفتق قد انقطعت أو تضررت، فقد يكون لهذا تأثير على مستويات الأوكسجين والغازات في الدم. فحص الغازات الشريانية يمكن أن يوفر معلومات حول كيفية تأثير الفتق على وظيفة الأمعاء.
وظيفة الأمعاء: في حالات نادرة، قد تؤدي مضاعفات الفتق إلى إصابة الأمعاء. وفي هذه الحالات، قد يظهر فحص الدم علامات على مشكلات في وظائف الأمعاء، مثل زيادة مستويات الأمونيا.
من الضروري فهم أن فحص الدم هو فقط جزء من العملية التشخيصية. حتى إذا كانت نتائج فحص الدم طبيعية، قد يتخذ الطبيب قرارات استنادًا إلى الأعراض التي يعاني منها الطفل ونتائج الفحوصات الأخرى.

الفحص باللمس: يمكن للطبيب أن يقوم بفحص المنطقة المصابة باللمس لتحديد مدى حركة الفتق وتقييم ما إذا كان الفتق مُحبوسًا أو مُغلقًا. هذا الفحص يمكن أن يساعد في تقرير إذا ما كان يتعين إجراء جراحة عاجلة أم لا.
الفحص باللمس (التحسس) هو أحد الأدوات الأساسية التي يستخدمها الأطباء في تقييم الفتق. إليك بعض الجوانب المهمة المرتبطة بهذا الفحص:
تقدير حجم الفتق: الفحص باللمس يمكن أن يكشف عن حجم وشكل الفتق ويساعد في تحديد ما إذا كان يزداد حجمه مع مرور الوقت أو مع الضغط.
تقييم الحالة: من خلال الضغط بلطف على المنطقة المصابة، يمكن للطبيب تقدير ما إذا كان الأنسجة أو الأمعاء يمكن إعادتها إلى مكانها الطبيعي بسهولة.
البحث عن علامات الخطورة: إذا كان الفتق محبوسًا (يعني أن جزءًا من الأمعاء أو الأنسجة لا يمكن إعادته إلى مكانه بسهولة) أو مغلقًا (حيث يتم قطع تدفق الدم إلى الأمعاء المحتجزة)، فقد يكون الطفل في خطر. الفتق المحبوس أو المغلق يمكن أن يكون حالة طارئة تتطلب تدخلًا جراحيًا فوريًا.
تقدير الألم: بينما يقوم الطبيب بالفحص باللمس، قد يسأل الطفل أو والديه عن مستوى الألم أو ال discomfort المرتبط بالفتق.
تقييم الجلد: الطبيب سيتحقق أيضًا من الجلد المحيط بالفتق، مراقبًا أية علامات على التورم، الاحمرار، أو الحرارة، التي قد تشير إلى التهاب أو عدوى.
في النهاية، الفحص باللمس يعتبر طريقة فعالة وسريعة لتقييم الحالة ويساعد الطبيب في تقرير الخطوات التالية في العلاج والرعاية.
من الجدير بالذكر أن تشخيص الفتق الأربي يعتمد بشكل أساسي على الفحص السريري، ولكن استخدام الأدوات التشخيصية الأخرى يمكن أن يساعد في تقديم صورة أكثر وضوحًا حول الحالة ومساعدة الأطباء في تقرير أفضل طريقة للعلاج.
3. العلاج الجراحي:
جراحة الفتق الأربي: تعتبر الجراحة هي الحل الأمثل لعلاج الفتق الأربي، حيث يتم خلالها إعادة الأمعاء أو الأنسجة إلى مكانها الطبيعي وإغلاق الثقب في الجدار البطني.
التقنيات الجراحية: هناك عدة طرق جراحية لعلاج الفتق الأربي، منها الجراحة التقليدية والجراحة باستخدام المنظار.

الختام:
معرفة المزيد عن الفتق الأربي وكيفية تشخيصه وعلاجه يمكن أن يساعد الأهل في فهم الحالة بشكل أفضل واتخاذ القرار المناسب بشأن العلاج. الرعاية المتخصصة والتوجيه الجراحي السليم يضمنان تحقيق أفضل النتائج للأطفال المصابين بالفتق الأربي.
بينما يمكن أن يكون لديكم العديد من القلق والتساؤلات عندما يتم تشخيص طفلكم بالفتق الأربي، فإن فهم طبيعة الحالة والخيارات المتاحة للعلاج يمكن أن يسهم في تقليل هذا القلق. من المهم البحث عن رأي طبي موثوق واتباع التوجيهات الطبية لضمان سلامة الطفل وراحته. في النهاية، تهدف جميع الأساليب التشخيصية والعلاجية إلى تقديم الرعاية الأمثل وضمان نوعية حياة جيدة للطفل. يُشجع على التعاون المستمر بين الأهل والفريق الطبي لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.

اترك تعليقاً

Call Now Button